وسط جبال الأطلس الصغير، بزغ عمر، الشاب التافراوتي ابن دوار تيزغت بمنطقة أملن، من مواليد أواخر سنة 1992، والذي استطاع أن يصنع لنفسه مسارًا متميزًا رغم التحديات والتقلبات.
بدأت رحلة عمر التعليمية من مسقط رأسه ليُتوج مساره الدراسي سنة 2011 بحصوله على شهادة البكالوريا بمدينة تافراوت، ثم يلتحق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، حيث حصل على شهادة الإجازة في القانون سنة 2014. غير أن فرحته بهذا التتويج لم تكتمل، إذ اصطدم بواقع البطالة وضبابية المستقبل، ليجد نفسه يعود إلى قريته، متسائلًا عن مصيره المهني بين دروب الوظيفة العمومية وحلم ريادة المشاريع.
لم يرضخ عمر لواقع الانتظار، بل اختار أن يُشعل شرارة الإبداع من قلب منطقته، بعدما فتحت له عدسة صديقه نافذة على عالم الإعلام الرقمي، عبر برنامج “إنبكي نربي” الذي كان يبث على صفحة Tafraout TV. عبر هذا البرنامج، الذي عُرض منه ست حلقات، بدأ عمر يلامس هموم الساكنة ويقترب من تفاصيل الحياة اليومية بالدواوير، رغم قسوة الظروف وقلة الإمكانيات.
سُرعان ما وجد نفسه وحيدًا بعد أن تفرّق رفقاؤه، فقرر بدء تجربة فردية عبر فتح قناة وصفحة تحمل اسمه على موقع “فيسبوك”، وهنا كانت الانطلاقة الحقيقية لمساره كأول مؤثر بمنطقة أملن وتافراوت، إذ أصبحت صفحته المصنفة رقم واحد مصدرًا رئيسيًا للأخبار، خاصة خلال جائحة كورونا سنة 2019، ما منحه شهرة واسعة ووقعًا قويًا داخل المجتمع المحلي.
ومع توالي السنوات واكتسابه لتجارب في مجالات متعددة، اختار عمر أن يمزج بين هويته الإعلامية وروحه المقاولاتية، فأسس قبل سنتين تعاونية “إمسطيرن ن تافراوت” المتخصصة في تسويق منتجات أركان و«أملو» والمواد التجميلية الطبيعية. وسرعان ما تحوّلت هذه التعاونية إلى وجهة مفضلة للزوار، وأبناء المنطقة الباحثين عن منتجات ذات جودة عالية مستخرجة من الخيرات الطبيعية لأملن.
اليوم، يُعد عمر نموذجًا للشباب المكافح الذي لم يستسلم لظروف البطالة، بل صنع لنفسه مكانة بارزة بعلامته التجارية “إمسطيرن ن تافراوت”، ليُثبت أن شجرة أركان الأسطورية لا تمنح فقط زيتا ومواد تجميلية، وإنما تُلهم أيضًا إرادة الحياة، وتوفر فرصًا اقتصادية حقيقية لشباب ونساء المنطقة الذين يعيشون منذ سنوات على خيراتها.
إن قصة عمر ليست مجرد حكاية فرد، بل هي صورة مجلّية لطموح جيل كامل يسعى إلى تحويل التحديات إلى فرص، وتنمية منطقته انطلاقًا من ثرواتها المحلية وتراثها العريق.